صفحة رقم ٢١٥
والثاني : اللاعنون : الاثنان إذا تلاعنا لحقت اللعنة مستحقها منهما، فإن لم يستحقها واحد منهما رجعت اللعنة على اليهود، وهذا قول ابن مسعود.
والثالث : أنهم البهائم، إذا يبست الأرض قالت البهائم هذا من أجل عُصاةِ بني آدم، وهذا قول مجاهد وعكرمة.
والرابع : أنهم المؤمنون من الإنس والجن، والملائكة يَلعنون مَنْ كَفَر بالله واليوم الآخر، وهذا قول الربيع بن أنس.
) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا ( يعني بالإسلام من كفرهم ) وَأَصْلَحُوا ( يحتمل وجهين :
أحدهما : إصلاح سرائرهم وأعمالهم.
والثاني : أصلحوا قومهم بإرشادهم إلى الإسلام ) وَبَيَّنُوا ( يعني ما في التوراة من نبوة محمد ( ﷺ ) ووجوب اتَباعه ) فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِم ( والتوبة من العباد : الرجوع عن الذنب، والتوبة من الله تعالى : قبولها من عباده.
قوله تعالى :) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ( وإنما شرط الموت على الكفر لأن حُكْمَهُ يستقر بالموت عليه ويرتفع بالتوبة منه. ) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ ( واللعنة من العباد : الطرد، ومن الله تعالى : العذاب. ) وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( وقرأ الحسن البصري :) وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعُونَ ( بالرفع، وتأويلها : أولئك جزاؤهم أن يلعنهم الله وتلعنهم الملائكة ويلعنهم الناس أجمعون.
فإن قيل : فليس يلعنهم جميع الناس لأن قومهم لا يلعنونهم، قيل : عن هذا جوابان :
أحدهما : أن اللعنة من أكثر الناس يطلق عليها لعنة جميع الناس، فغلب حكم الأكثر على الأقل.
والثاني : أن المراد به يوم القيامة يلعنهم قومهم مع جميع الناس كما قال تعالى :) يَومَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضِ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ( " [ العنكبوت : ٢٥ ].
ثم قال تعالى :) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ( فيه تأويلان :