صفحة رقم ٣٧٣
وإذا قيل إنه الاجتهاد، احتمل ما أشار إليه من اجتهادهم وجهين :
أحدهما : كاجتهادهم في نصرة الكفر على الإِيمان.
والثاني : كاجتهادهم في الجحود والبهتان.
وفيمن أشار إليهم أنهم كدأب آل فرعون قولان :
أحدهما : أنهم مشركو قريش يوم بدر، كانوا في انتقام الله منهم لرسله والمؤمنين، كآل فرعون في انتقامه منهم لموسى وبني إسرائيل، فيكون هذا على القول الأول تذكيراً للرسول والمؤمنين بنعمة سبقت، لأن هذه الآية نزلت بعد بدر استدعاء لشكرهم عليها، وعلى القول الثاني وعداً بنعمة مستقبلة لأنها نزلت قبل قتل يهود بني قينقاع، فحقق وعده وجعله معجزاً لرسوله.
( آل عمران :( ١٢ - ١٣ ) قل للذين كفروا.....
" قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار " ( قوله عز وجل :) قُل لِّلَّذِينَ كَفَرواْ سَتُغْلَبُونَ ( الآية. في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها نزلت في قريش قبل بدر بسنة، فحقق الله قوله، وصدق رسوله، وأنجز وعده بمن قتل منهم يوم بدر، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني : أنها نزلت في بني قينقاع لمَّا هلكت قريش يوم بدر، فدعاهم النبي ( ﷺ ) إلى الإسلام، وحذرهم مثل ما نزل بقريش، فأبوا وقالوا : لسنا كقريش الأغمار الذين لا يعرفون الناس، فأنزل الله فيهم هذه الآية، قاله قتادة، وابن إسحاق.
والثالث : أنها نزلت في عامة الكفار.
وفي الغلبة هنا قولان :
أحدهما : بالقهر والاستيلاء، إن قيل إنها خاصة.