صفحة رقم ٥٠
والثاني : أن الباء بريء من الأولاد، والسين سميع الأصوات والميم مجيب الدعوات، وهذا قول سليمان بن يسار. والثالث : أن الباء بارئ الخلق، والسين ساتر العيوب، والميم المنان، وهذا قول أبي روق.
ولو أن هذا الاستنباط يحكي عمَّن يُقْتدى به في علم التفسير لرغب عن ذكره، لخروجه عما اختص الله تعالى به من أسمائه، لكن قاله متبوع فذكرتُهُ مَعَ بُعْدِهِ حاكياً، لا محققاً ليكون الكتاب جامعاً لما قيل.
ويقال لمن قال ( بسم الله ) بَسْمَلَ على لُغَةٍ مُوَلَّدَةٍ، وقد جاءت في الشعر، قال عمر بن أبي ربيعة :
لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُهَا
فَيَا حَبَّذا ذَاكَ الْحَبِيبُ المُبَسْمِلُ
فأما قوله :( الله )، فهو أخص أسمائه به، لأنه لم يتسَمَّ باسمه الذي هو ( الله ) غيره.
والتأويل الثاني : أن معناه هل تعلم له شبيهاً، وهذا أعمُّ التأويلين، لأنه يتناول الاسم والفعل.
وحُكي عن أبي حنيفة أنه الاسم الأعظم من أسمائه تعالى، لأن غيره لا يشاركه فيه. واختلفوا في هذا الاسم هل هو اسم عَلَمٍ للذات أو اسم مُشْتَقٌّ من صفةٍ، على قولين :
أحدهما : أنه اسم علم لذاته، غير مشتق من صفاته، لأن أسماء الصفات تكون تابعة لأسماء الذات، فلم يكن بُدٌّ من أن يختص باسم ذاتٍ، يكون علماً لتكون أسماء الصفات والنعوت تبعاً.
والقول الثاني : أنه مشتق من أَلَهَ، صار باشتقاقه عند حذف همزِهِ، وتفخيم لفظه الله.
واختلفوا فيما اشْتُقَ منه إله على قولين :
أحدهما : أنه مشتق من الَولَه، لأن العباد يألهون إليه، أي يفزعون إليه في