صفحة رقم ٧٨
والرابع : أنه لما حسن أن يقال للمنافق :) ذُقْ إِنًّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( " [ الدخان : ٤٩ ]، صار القول كالاستهزاء به.
والخامس : ما حكي : أنهم يُفْتَح لهم باب الجحيم، فيرون أنهم يخرجون منها، فيزدحمون للخروج، فإذا انتهوا إلى الباب ضربهم الملائكة، بمقامع النيران، حتى يرجعوا، وهاذ نوع من العذاب، وإن كان كالاستهزاء.
قوله عز وجل :) وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهم يَعْمَهُونَ ( وفي يمدهم تأويلان :
أحدهما : يملي لهم، وهو قول ابن مسعود.
والثاني : يزيدهم، وهو قول مجاهد.
يقال مددت وأمددت، فحُكِيَ عن يونس أنه قال : مددت فيما كان من الشر، وأمددت فيما كان من الخير، وقال بعض الكوفيين : يقال : مددتُ فيما كانت زيادته منه، كما يقال مَدّ النصر، وأَمَدَّه نهر آخر، وأمددت فيما حدثت زيادته من غيره، كقولك أمْدَدْتُ الجيش بمددٍ، وأمِد الجرح، لأن المدة من غيره.
) في طغيانهم ( يعني تجاوزهم في الكفر، والطغيان مجاوزة القدر، يقال طغى الماء، إذا جاوز قدره، قال الله تعالى :) إنك لما طغى الماء حملناكم في الجارية (. [ الحاقة : ١١ ].
) يعمهون ( في ثلاثة أقوال :
أحدها : يترددون، ومنه قول الشاعر :
حيران يعمه في ضلالته
مستورد بشرائع
والثاني : معناه يتحيرون، قال رؤية بن العجاج :
ومهمه أطرافه في مهمه
أعمى الهدى بالجاهلين العمه
والثالث : يعمهون عن رشدهم، فلا يبصرونه، لأن من عمه عن الشيء كمن كمه عنه، قال الأعشى :
أراني قد عمهت وشاب رأسي
وهذا اللعب شين للكبير