صفحة رقم ١١١
الدالة على صدق رسوله وصحة نبوته، أظهر من أن يُخْفَى، وأكثر من أن ينكر، وأن القرآن مع عجز من تحداهم الله من الآيات بمثله، وما تضمنه من أخبار الغيوب وصدق خبره عما كان ويكون أبلغ الآيات وأظهر المعجزات.
وإنما اقترحوا آية سألوها إعناتاً، فلم يجابوا مع قدرة الله تعالى على إنزالها، لأنه لو أجابهم إليها لاقترحوا غيرها إلى ما لا نهاية له، حتى ينقطع الرسول بإظهار الآيات عن تبليغ الرسالة.
وإنما يلزمه إظهار الآيات في موضعين :
أحدهما : عند بعثه رسولاً ليكون مع استدعائه لهم دليل على صدقه.
والثاني : أن يسألها من يعلم الله منه أنه إن أظهرها له آمن به، وليس يلزمه إظهارها في غير هذين الموضعين.
قوله عز وجل :) وَمَا من دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ ( دابة بمعنى ما يدب على الأرض من حيوان كله.
) وَلاَ طَآئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ( يعني في الهواء، جميع بين ما هو على الأرض وفيها وما ارتفع عنها.
) إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ( في الأمم تأويلان :
أحدهما : أنها الجماعات.
والثاني : أنها الأجناس، قاله الفراء.
وليس يريد بقوله :) أَمْثَالُكُم ( في التكليف كما جعل قوم اشتبه الظاهر عليهم وتعلقوا مع اشتباه الظاهر برواية أبي ذر، قال : انتطحت شاتان عند النبي ( ﷺ )، فقال : يا أبا ذر أتدري فيم انتطحتا ؟ قلت : لا، قال :( لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا ) قال أبو ذر : لقد تركنا رسول الله ( ﷺ ) وما يقلب طائر بجناحيه في السماء إلا ذكّرنا منه علماً، لأنه إذا كان العقل سبباً للتكليف كان عدمه لارتفاع التكليف.


الصفحة التالية
Icon