صفحة رقم ٢٠٥
الموت، فَأُجِيْبَ بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين وهو أربعون سنة، قاله الكلبي.
فإن قيل : فكيف قدر الله مدة أجله وفي ذلك إغواؤه بفعل المعاصي تعويلاً على التوبة في آخر الأجل ؟
قيل : قد علم الله من حاله أنه لا يتوب من معصيته بما أوجبه من لعنته بقوله تعالى :) وَأَنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَومِ الدَّينِ ( فجاز مع علمه بهذه أن يقدر له مدة أجله ولو كان كغيره ما قدرت له مدة أجله.
فإن قيل : كيف أقدم إبليس على هذا السؤال مع معصيته ؟ قيل : كما ينبسط الجاهل في سؤال ما لا يستحقه.
فإن قيل : فكيف أجاب الله سؤاله مع معصيته ؟ قيل : في إجابته دعاء أهل المعاصي قولان :
أحدهما : لا تصح إجابتهم لأن إجابة الدعاء تكرمة للداعي وأهل المعاصي لا يستحقون الكرامة، فعلى هذا إنما أنظره الله تعالى وإن كان عقيب سؤاله ابتداء منه لا إجابه له.
والثاني : أنه قد يجوز أن تجاب دعوة أهل المعاصي على وجه البلوى وتأكيد الحجة، فتكون إجابة المطيعين تكرمة، وإجابة العصاة بلوى.
فإن قيل : فهل ينظر غير إبليس إلىالوقت الذي سأل وقد قال من المنظرين ؟ قيل : نعم وهو من لم يقض الله تعالى عليه الموت من عباده الذين تقوم عليهم الساعة.
( الأعراف :( ١٦ - ١٧ ) قال فبما أغويتني.....
" قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " ( قوله عز وجل :) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ( اختلف أهل العربية في معنى قوله :) فبما أغويتني ( على قولين :