صفحة رقم ٢٠٩
أحدهما : في جنة الخلد التي وعد المتقون، وجاز الخروج منها لأنها لم تجعل ثواباً فيخلد فيها ولا يخرج منها.
والثاني : أنها جنة من جنات الدنيا لا تكليف فيها وقد كان مكلفاً.
) فَكُلاَ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتَمُا ( يحتمل وجهين :
أحدهما : من حيث شئتما من الجنة كلها.
والثاني : ما شئتما من الثمار كلها لأن المستثنى بالنهي لمَّا كان ثمراً كان المأمور به ثمراً.
) وَلاَ تَقَْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ( قد ذكرنا اختلاف الناس فيها على ستة أقاويل :
أحدها : أنه البُرّ، قاله ابن عباس.
والثاني : الكَرْم، قاله السدي.
والثالث : التين، قاله بان جريج. والرابع : شجرة الكافور، قاله علي بن أبي طالب.
والخامس : شجرة العلم، قاله الكلبي.
والسادس : أنها شجرة الخلد التي كانت تأكل منها الملائكة، قاله ابن جدعان، وحكى محمد بن إسحاق عن أهل الكتابين أنها شجرة الحنظل ولا أعرف لهذا وجهاً.
فإذا قيل : فما وجه نهيهما عن ذلك مع كمال معرفتهما ؟
قيل : المصلحة في استدامة، المعرفة، والابتلاء بما يجِب فيه الجزاء.
قوله عز وجل :) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الْشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا... ( أما الوسوسة فهي إخفاء الصوت بالدعاء، يقال وسوس له إذا أوهمه النصيحة، ووسوس إليه إذا ألقى إليه المعنى، وفي ذلك قول رؤبة بن العجاج :
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق
سراً وقد أوّن تأوين العقق