صفحة رقم ٣١٥
كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ( قوله عز وجل ) وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً ( في المكاء قولان :
أحدهما : أنه إدخال أصابعهم في أفواههم، قاله مجاهد.
والثاني : هو أن يشبك بين أصابعه ويصفر في كفه بفيه فيكون المكاء هو الصفير، ومنه قول عنترة :
وحليل غنيةٍ تركت مُجدّلا
تمكو فريصته بشدق الأعلم
أي تصفر بالريح لما طعنته.
وأما التصدية ففيها خمسة أقاويل :
أحدهما : أنه التصفيق، قاله ابن عباس وابن عمر والحسن ومجاهد وقتادة والسدي ومنه قول عمرو بن الإطنابة :
وظلواْ جميعاً لهم ضجة
مكاء لدى البيت بالتصدية
والثاني : أنه الصد عن البيت الحرام، قاله سعيد بن جبير وابن زيد.
والثالث : أن يتصدى بعضهم لبعض ليفعل مثل فعله، ويصفر له إن غفل عنه، قاله بعض المتأخرين.
الرابع : أنها تفعلة من صد يصد، وهو الضجيج، قاله أبو عبيدة. ومنه قوله تعالى :) إِذَا قَومُكَ مِنهُ يَصِدُّونَ ( " [ الزخرف : ٥٧ ] أي يضجون.
الخامس : أنه الصدى الذي يجيب الصائح فيرد عليه مثل قوله، قاله ابن بحر.
فإن قيل : فلم سمَّى الله تعالى ما كانوا يفعلونه عند البيت من المكاء والتصدية صلاة وليس منها ؟


الصفحة التالية
Icon