صفحة رقم ٣٥٣
والثاني : أنه قول طائفة من سلفهم.
والثالث : أنه قول جماعة ممن كانوا على عهد رسول الله ( ﷺ ).
واختلف فيهم على قولين :
أحدهما : أنه فنحاص وحده، ذكر ذلك عبيد بن عمير وابن جريج.
والثاني : أنهم جماعة وهم سلام ابن مشكم ونعمان بن أبي أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف، وهذا مروي عن ابن عباس.
فإن قيل : فإذا كان ذلك قول بعضهم فلم أضيف إلى جميعهم ؟
قيل : لأن من لم يقله عند نزول القرآن لم ينكره، فلذلك أضيف إليهم إضافة جمع وإن تلفظ به بعضهم.
) وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ( وهذا قول جميعهم، واختلف في سبب قولهم لذلك على قولين :
أحدهما : أنه لما خلق من غير ذكر من البشر قالوا إنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك.
الثاني : أنهم قالوا ذلك لأجل من أحياه من الموتى وأبرأه من المرضى.
) ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْواهِهِمْ ( معنى ذلك : وإن كانت الأقوال كلها من الأفواه : أنه لا يقترن به دليل ولا يعضده برهان، فصار قولاً لا يتجاوز الفم فلذلك خص به.
) يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ من قبلُ ( أي يشابهون، مأخوذ من قولهم امرأة ضهياء إذا لم تحض تشبيهاً بالرجال ومنه ما جاء في الحديث :( أَجرَأُ النَّاسِ عَلى اللَّهِ تَعَالَى الَّذِينَ يُضَاهِئُونَ خَلْقَهُ ) أي يشبهون به.
وفيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن قولهم ذلك يضاهي قول عبدة الأوثان في اللات والعزى ومناة وأن الملائكة بنات الله، قاله ابن عباس وقتادة.
والثاني : أن قول النصارى المسيح ابن الله يضاهي قول اليهود عزير ابن الله، قاله الطبري.
والثالث : أنهم في تقليد أسلافهم يضاهون قول من تقدمهم، قاله الزجاج.
) قَاتََلَهُمُ اللَّهُ ( فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : معناه لعنهم الله، قاله ابن عباس ومنه قول عبيد بن الأبرص :