صفحة رقم ٤٥٢
الثاني : أن هذا القول من إبراهيم سؤال إلزام خرج مخرج الخبر وليس بخبر، ومعناه : أن من اعتقد أن هذه آلهة لزمه سؤالها، فلعله فعله [ كبيرهم ] فيجيبه إن كان إلهاً ناطقاً.
) إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ ( أي يخبرون، كما قال الأحوص :
ما الشعر إلا خطبةٌ من مؤلفٍ
لمنطق حق أو لمنطق باطل
( الأنبياء :( ٦٤ - ٦٧ ) فرجعوا إلى أنفسهم.....
" فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون " ( قوله تعالى :) فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ ( فيه وجهان :
أحدهما : أن رجع بعضهم إلى بعض.
الثاني : أن رجع كل واحد منهم إلى نفسه متفكراً فيما قاله إبراهيم، فحاروا عما أراده من الجواب فأنطقهم الله تعالى الحق ) فَقَالُواْ : إِنَّكم أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ( يعني في سؤاله، لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها، ولو صحبهم التوفيق لآمنوا هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم.
) ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ ( فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه أنها رجعوا إلى شِركهم بعد اعترافهم بالحق.
الثاني : يعني أنهم رجعواْ إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم :) لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلآءِ يَنطِقُونَ (.
الثالث : أنهم نكسواْ على رؤوسهم واحتمل ذلك منهم واحداً من أمرين : إما انكساراً بانقطاع حجتهم، وإما فكراً في جوابهم فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة إذعاناً لها وإقراراً بها، بقولهم :) لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلآءِ يَنطِقُونَ ( فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.