صفحة رقم ٤٥٨
فقال لها :( اعْتَدِّي حَيْثُ شِئْتِ ) ثم قال :( يَا سُبْحَانَ اللَّهِ، امْكُثِي فِي بَيتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ ) وقال رجل : أرأيتَ إن قُتِلتُ صابراً محتسباً أيحجزني عن الجنة شيء ؟ فقال :( لاَ )، ثم دعاه فقال :( إِلاَّ الدَّينُ كَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ ). ولا يوجد منه إلاّ ما جاز عليه.
ثم قال تعال :) وَكُلاًّ ءَاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً ( قال الحسن : لولا هذه الآية لرأيت أن القضاة قد هلكوا، ولكنه أثنى على سليمان على صوابه وعذر داود باجتهاده. فإن قيل : فكيف نقض داود حكمه باجتهاد سليمان ؟ فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : يجوز أن يكون داود ذكر حكمه على الإِطلاق وكان ذلك منه على طريق الفتيا فذكره لهم ليلزمهم إياه، فلما ظهر له ما هو أقوى في الاجتهاد منه عاد إليه.
الثاني : أنه يجوز أن يكون الله أوحى بهذا الحكم إلى سليمان فلزمه ذلك، ولأجل النص الوارد بالوحي رأى أن ينقض اجتهاده، لأن على الحاكم أن ينقض حكمه بالاجتهاد إذا خالف نصاً.
على أن العلماء قد اختلفوا في الأنبياء، هل يجوز لهم الاجتهاد في الأحكام ؟ فقالت طائفة يجوز لهم الاجتهاد لأمرين :
أحدهما : أن الاجتهاد في الاجتهاد فضيلة، فلم يجز أن يحرمها الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon