صفحة رقم ٤٦٦
أحدهما : أنه كان في خُلُقِه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوة ضاق ذرعه بها ولم يصبر لها، وكذلك قال الله :) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل ( " [ الأحقاف : ٣٥ ] قاله وهب.
الثاني : أنه كان من عادة قومه أن من كذب قتلوه، ولم يجربواْ عليه كذباً، فلما أخبرهم أن العذاب يحل بهم ورفعه الله عنهم، قال لا أرجع إليهم كذّاباً، وخاف أن يقتلوه فخرج هارباً.
) فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ( فيه أربعة تأويلات :
أحدها : فظن أن لن نضيق طرقه، ومنه قوله :) وَمَن قَدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ( " [ الطلاق : ٧ ] أي ضيق عليه، قاله ابن عباس.
الثاني : فظن أن لن نعاقبه بما صنع، قاله قتادة، ومجاهد.
الثالث : فظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا، حكاه ابن شجرة، قال الفراء : معناه لن نُقِدرَ عليه من العقوبة ما قَدَّرْنَا، مأخوذ من القدر، وهو الحكم دون القدرة، وقرأ ابن عباس : نقدّر بالتشديد، وهو معنى ما ذكره الفراء، ولا يجوز أن يكون محمولاً على العجز عن القدرة عليه لأنه كفر.
الرابع : أنه على معنى استفهام، تقديره : أفظن أن لن نقدر عليه، فحذف ألف الاستفهام إيجازاً، قاله سليمان بن المعتمر.
) فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ( فيه قولان :
أحدهما : أنها ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة جوف الحوت، قاله ابن عباس، وقتادة. الثاني : وقتادة.
الثاني : أنها ظلمة الحوت في بطن الحوت، قاله سالم بن أبي الجعد.
ويحتمل ثالثاً : أنها ظلمة الخطيئة، وظلمة الشدة، وظلمة الوحدة.