صفحة رقم ١٧٥
قوله تعالى :) وَأَرْلَفْنَا ثَمَّ الأَخَرِينَ ( فيه وجهان :
أحدهما : قربنا إلى البحر فرعون وقومه، قاله ابن عباس : وقتادة، ومنه قول الشاعر :
وكل يوم مضى أو ليلة سلفت
فيه النفوس إلى الآجال تزدلف
الثاني : جمعنا فرعون وقومه في البحر، قاله أبو عبيدة، وحكي عن أُبي وابن عباس أنهما قرآ :) وَأَزْلَقْنَا ( بالقاف من زلق الأقدام، كأقدام فرعون أغرقهم الله تعالى في البحر حتى أزلقهم في طينه الذي في قعره.
( الشعراء :( ٧٨ - ٨٢ ) الذي خلقني فهو.....
" الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " ( قوله تعالى :) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ( فيه وجهان :
أحدهما : الي خلقني بنعمته فهو يهدين لطاعته.
الثاني : الذي خلقني لطاعته فهو يهديني لجنته، فإن قيل فهذه صفة لجميع الخلق فكيف جعلها إبراهيم عل هدايته ولم يهتد بها غيره ؟
قيل : إنما ذكرها احتجاجاً على وجوب الطاعة، لأن من أنعم وجب أن يطاع ولا يُعصى ليلتزم غيره من الطاعة ما قد التزمها، وهذا إلزام صحيح ثم فصل ذلك بتعديد نعمه عليه وعليهم فقال :
) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينَ وَإِذَا مَرِضَتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ( وهذا احتجاجاً عليهم لموافقتهم له ثم قال :) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يَحْيِينِ ( وهذا قوله استدلالاً ولم يقله احتجاجاً، لأنهم خالفوه فيه، فبين لهم أن ما وافقوه عليه موجب لما خالفوه فيه.
وتجوز بعض المتعمقة في غوامض المعاني فعدل بذلك عن ظاهره إلى ما