صفحة رقم ١٩٦
أحدهما : أنه كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وهو قول السدي. قال وهب بن منبه : ثم لم يمس موسى امرأة بعدما كلمه ربه.
والثاني : أن الله خلق في الشجرة كلاماً خرج منها حتى سمعه موسى، حكاه النقاش. قوله تعالى :) وَأَلْقِ عَصَاكَ ( قال وهب : ظن موسى أن الله أمره برفضها فرفضها.
) فَلَمَا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ( فيه وجهان
: أحدهما : أن الجان الحية الصغيرة، سميت بذلك لاجتنانها واستتارها.
والثاني : أنه أراد بالجان الشيطان من الجن، لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشيطان، كما قال تعالى :) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ( " [ الصافات : ٦٥ ]. وقد كان انقلاب العصا إلى أعظم الحيات لا إلى أصغرها، كما قال تعالى :) فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ( " [ الأعراف : ١٠٧ ] و [ الشعراء : ٣٣ ].
قال عبد الله بن عباس : وكانت العصا قد أعطاه إياها ملك من الملائكة حين توجه إلى مَدْيَن وكان اسمها : ما شاء، قال ابن جبير : وكانت من عوسج.
) وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ... ( فيه ثلاثة أوجه
: أحدها : ولم يرجع، قاله مجاهد، قال قطرب : مأخوذ من العقب.
الثاني : ولم ينتظر، قاله السدي.
الثالث : ولم يلتفت، قاله قتادة.
ويحتمل رابعاً : أن يكون معناه أنه بقي ولم يمش، لأنه في المشيء معقب لابتدائه بوضع عقبة قبل قدمه.
قوله تعالى :) إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ( قيل إنه أراد في الموضع الذي يوحى فيه إليهم، ولا فالمرسلون من الله أخوف.