صفحة رقم ٢٠٨
الثاني : المعتدي في الجزاء، قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل :) وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ( أي استوفى حقه بنفسه.
) فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ( وهذا ينقسم ثلاثة أقسام
: أحدها : أن يكون قصاصاً في بدن يستحقه آدمي فلا حرج عليه فيه إذا استوفاه من غير عدوان، وثبت حقه عند الحكام، لكن يزجره الإمام في تفرده بالقصاص لما فيه من الجرأة على سفك الدماء، وإن كان حقه غير ثابت عند الحكام فليس عليه فيما بينه وبين الله حرج وهو في الظاهر مطالب وبفعله مؤاخذ.
والقسم الثاني : أن يكون حداً لله لا حق فيه لآدمي كحد الزني وقطع السرقة. فإن لم يثبت ذلك عند حاكم أخذ به وعوقب عليه، وإن ثبت عند حاكم نظر فإن كان قطعاً في سرقة سقط به الحد لزوال العضو المستحق قطعه، ولم يجب عليه في ذلك حق إلا التعزير أدباً، وإن كان جلداً لم يسقط به الحد لتعديه به مع بقاء محله وكان مأخوذاً بحكمه.
القسم الثالث : أن يكون حقاً في مال فيجوز لصاحبه أن يغالب على حقه حتى يصل إليه إن كان من هو عليه عالماً به، وإن كان غير عالم نظر، فإن أمكنه الوصول إليه عند المطالبة لم يكن له الاستسرار بأخذه، وإن كان لا يصل إليه بالمطالبة لجحود من هو عليه مع عدم بينة تشهد به ففي جواز الاستسرار بأخذه مذهبان :
أحدهما : جوازه، وهو قول مالك، والشافعي.
الثاني : المنع، قاله أبو حنيفة.
قوله عز وجل :) إِنَّما السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ( فيه قولان :
أحدهما : يظلمون الناس بعدوانهم عليهم وهو قول كثير منهم. الثاني : يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم، قاله ابن جريج.
) وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ( فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه بغيهم في النفوس والأموال، وهو قول الأكثرين.
الثاني : عملهم بالمعاصي، قاله مقاتل.


الصفحة التالية
Icon