صفحة رقم ٣٣٧
والأرض والله بصير بما تعملون " ( قوله عز وجل :) قَالَتِ الأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا... ( فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم أقروا ولم يعملوا، فالإسلام قول والإيمان عمل، قاله الزهري.
الثاني : أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة قبل أن يهاجروا فأعلمهم أن اسمهم أعراب، قاله ابن عباس.
الثالث : أنهم مَنُّوا على رسول الله صلى الله بإسلامهم فقالوا أسلمنا، لم نقاتلك، فقال الله تعالى لنبيه : قل لهم : لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا خوف السيف، قاله قتادة. لأناهم آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم، فلم يكونوا مؤمنين، وتركوا القتال فصاروا مستسلمين لا مسلمين، فيكون مأخوذاً من الاستسلام لا من الإسلام كما قال الشاعر :
طال النهار على من لا لقاح له
إلا الهدية أو ترك بإسلام
ويكون الإسلام والإيمان في حكم الدين على هذا التأويل واحداً وهو مذهب الفقهاء، لأن كل واحد منهما تصديق وعمل.
وإنما يختلفان من وجهين :
أحدهما : من أصل الاسمين لأن الإيمان مشتق من الأمن، والإسلام مشتق من السلم.
الثاني : أن الإسلام علم لدين محمد ( ﷺ ) والإيمان لجميع الأديان، ولذلك امتنع اليهود والنصارى أن يتسموا بالمسلمين، ولم يمتنعوا أن يتسموا بالمؤمنين. قال الفراء : ونزلت هذه الآية في أعراب بني أسد.
قوله عز وجل :)... لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئاً ( فيه وجهان : أحدهما : لا يمنعكم من ثواب عملكم شيئاً، قال رؤبة :


الصفحة التالية
Icon