صفحة رقم ٣٠٥
لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفت لم تكن علقة، قال الشاعر :
تركْناه يخرُّ على يديْه
يَمُجُّ عليهما عَلَقَ الوتين
ويحتمل مراده بذلك وجهين :
أحدهما : أن يبين قدر نعمته على الإنسان بأن خلقه من علقة مهيئة حتى صار بشراً سوياً وعاقلاً متميزاً.
الثاني : أنه كما نقل الإنسان من حال إلى حال حتى استكمل، كذلك نقلك من الجهالة إلى النبوة حتى تستكمل محلها.
) اقْرَأ وربُّكَ الأكْرَمُ ( أي الكريم.
ويحتمل ثانياً : اقرأ بأن ربك هو الأكرم، لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه دل بها على نعمة كرمه. قال إبراهيم بن عيسى اليشكري : من كرمه أن يرزق عبده وهو يعبد غيره.
) الذي علّمَ بالقَلَمِ ( أي عَلّم الكاتب أن يكتب بالقلم، وسمي قلماً لأنى يقلم أي يقطع، ومنه تقليم الظفر.
وروى مجاهد عن ابن عمر قال : خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ثم قال لسائر الخلق : كن، فكان، القلم والعرش وجنة عدن وآدم.
وفيمن علمه بالقلم ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه أراد آدم عليه السلام، لأنه أول من كتب، قاله كعب الأحبار.
الثاني : إدريس وهو أول من كتب، قاله الضحاك.
الثالث : أنه أراد كل من كتب بالقلم لأنه ما علم إلا بتعليم الله له، وجمع بذلك بين نعمته تعالى عليه في خلقه وبين نعمته تعالى عليه في تعليمه استكمالاً للنعمة عليه.
) علَّمَ الإنسانَ مالم يَعْلَمْ ( فيه وجهان :
أحدهما : الخط بالقلم، قاله قتادة وابن زيد.
الثاني : علمه كل صنعه علمها فتعلم، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً : علمه من حاله في ابتداء خلقه ما يستدل به على خلقه وأن ينقله من بعد على إرادته.


الصفحة التالية
Icon