صفحة رقم ٣٦٤
نعم، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب : تبّا لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا ؟ فأنزل الله تعالى هذه السورة.
الثالث : ما حكاه عبد الرحمن بن كيسان أنه كان إذا وفد على النبي ( ﷺ ) وفْدٌ انطلق إليهم أبو لهب، فيسألونه عن رسول الله ويقولون : أنت أعلم به، فيقول لهم أبو لهب : إنه كذاب ساحر، فيرجعون عنه ولا يلقونه، فأتاه وفد، ففعل معهم مثل ذلك، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه، فقال لهم أبو لهب : إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبّاً له وتعساً، فأخبر بذلك النبي ( ﷺ ) فاكتأب له، فأنزل الله تعالى ( تَبّتْ ) السورة، وفي ( تبّتْ ) خمسة أوجه :
أحدها : خابت، قاله ابن عباس.
الثاني : ضلّت، وهو قول عطاء.
الثالث : هلكت، قاله ابن جبير.
الرابع : صفِرت من كل خير، قاله يمان بن رئاب.
حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان بن عفان سمع الناس هاتفاً يقول :
لقد خلّوْك وانصدعوا
فما آبوا ولا رجعوا
ولم يوفوا بنذرِهمُ
فيا تبَّا لما صَعنوا
والخامس : خسرت، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
تواعَدَني قوْمي ليَسْعوْا بمهجتي
بجارية لهم تَبّا لهم تبّاً
وفي قوله ) يَدَا أَبِي لَهَبٍ ( وجهان :
أحدهما : يعني نفس أبي لهب، وقد يعبر عن النفس باليد كما قال تعالى ) ذلك بما قدمت يداك ( أي نفسك.
الثاني : أي عمل أبي لهب، وإنما نسب العمل إلى اليد لأنه في الأكثر يكون بها.