صفحة رقم ٦١
الثالث : أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر.
) ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ ( كان المشركون يقولون للنبي ( ﷺ ) أنه مجنون به شيطان، وهو قولهم :) يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ( " [ الحجر : ٦ ] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم :) ما أنت بنعمة ربك بمجنون ( أي برحمة ربك، والنعمة ها هنا الرحمة.
ويحتمل ثانياً : أن النعمة ها هنا قسم، وتقديره : ما أنت ونعمة ربك بمجنون، لأن الواو والباء من حروف القسم.
وتأوله الكلبي على غير ظاهره، فقال : معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق.
) وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ ( فيه أربعة أوجه :
أحدها : غير محسوب، قاله مجاهد.
الثاني : أجراً بغير عمل، قاله الضحاك.
الثالث : غير ممنون عليك من الأذى، قاله الحسن.
الرابع : غير منقطع، ومنه قول الشاعر :
ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له
رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون
ويحتمل خامساً : غير مقدّر وهو الفضل، لأن الجزاء مقدر، والفضل غير مقدر.
) وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ ( فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أدب القرآن، قاله عطية.
الثاني : دين الإسلام، قاله ابن عباس وأبو مالك.
الثالث : على طبع كريم، وهو الظاهر.
وحقيقة الخلُق في اللغة هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب سمي خلقاً لأنه يصير كالخلقة فيه، فأما ما طبع عليه من الآداب فهو الخيم فيكون الخلق الطبع المتكلف، والخيم هو الطبع الغريزي، وقد أوضح ذلك الأعشى في شعره فقال :