قال الأستاذ أبو الحسن الحرالي في المفتاح الباب السابع في غضافة الربوبية ونعت الإلهية في القرآن : اعلم أن الربوبية إقامة المربوب بما خلق له وأريد له، فرب كل شيء مقيمه بحسب ما أبداه وجوده، فرب المؤمن ربه ورباه للإيمان، ورب الكافر ربه ورباه للكفران، ورب محمد ربه ورباه للحمد - " أدبني ربي فأحسن تأديبي "، ورب العالمين
٩٤
ربى كل عالم لما خلق له ﴿أعطى كل شيء خلقه ثم هدى﴾ [طه : ٥٠] ؛ فللربوبية بيان في كل رتبة بحسب ما أظهرته آية مربوبه - من عرف نفسه عرف ربه ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ [الأعلى : ١] ﴿فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك﴾ [الكهف : ١٨] ﴿اعبدوا ربكم الذي خلقكم﴾ ﴿لهم أجرهم عند ربهم﴾ [البقرة : ٢٦٢].
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٨
وقال في الباب الذي بعده : فخطاب الإقبال على النبي ﷺ أعظم إفهام في القرآن ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل﴾ [الفرقان : ٤] الآية ﴿وهو الذي جعل لكم الليل لباساً﴾ [الفرقان : ٤٧] الآية، تفاوت الخطابين بحسب تفاوت المخاطبين وكما يتضح لأهل التعرف رتب البيان بحسب إضافة اسم الرب فكذلك يتحقق لأهل الفهم وجوه إحاطات البيان بحسب النعوت والتبيان في اسم الله غيباً في متجلى الآيات للمؤمن، وعيناً للكامل الموقن، وجمعاً وإحاطة عن بادئ الدوام للمحقق الواحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ﴿وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم﴾ [آل عمران : ١٠١] ﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص : ١] ؛ والتفطن في رتب البيان في موارد هذا النحو من الخطاب في القرآن من مفاتيح الفهم وبوادئ مزيد العلم - انتهى.


الصفحة التالية
Icon