فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة أو بالإنجيل وعمي عن أن الأحسن في باب النظر أن يرد على الإنسان بما يعتقد تلوت عليه قول الله تعالى استشهاداً على كذب اليهود :﴿قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين﴾ [آل عمران : ٩٣] وقوله تعالى :﴿وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه﴾ [المائدة : ٤٨] - في آيات من أمثال ذلك كثيرة ؛ وذكرته باستشهاد النبي ﷺ التوراة في قصة
٩٨
الزاني كما سيأتي إن شاء الله تعالى في سورة المائدة مستوفى.
وروى الشيخان عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :"تكون الأرض يوم القيامة خبزة نزلاً لأهل الجنة، فأتى رجل من اليهود فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم! ألا أخبرك بنُزُل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : بلى.
قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي ﷺ، فنظر النبي ﷺ إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه" وقريب من ذلك حديث الجساسة في أشباهه.
هذا فيما يصدقه كتابنا.
وأما ما لا يصدقه ولا يكذبه فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال :"حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" ورواه مسلم والترمذي والنسائي عن أبي سعيد رضي الله عنه، وهو معنى ما في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله ﷺ :"لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا :﴿آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم﴾" الآية، فإن دلالة هذا على سُنِّية ذكر مثل ذلك أقرب من الدلالة
٩٩
على غيرها، ولذا أخذ كثير من الصحابة رضي الله عنهم عن أهل الكتاب.


الصفحة التالية
Icon