جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٨
ثم بين أنهما أسرعا المواقعة بقضية خلقهما على طبائع الشهوة لما نهيا عنه فقال :﴿فأزلهما﴾، قال الحرالي : من الزلل وهو تزلق الشيء الذي لا يستمسك على الشيء الذي لا مستمسك فيه كتزلل الزلال عن الورق وهو ما يجتمع من الطل فيصير ما على الأوراق والأزهار، وأزالهما من الزوال وهو التنحية عن المكان أو المكانة وهو المصير بناحية منه ؛ ﴿الشيطان﴾ هو مما أخذ من أصلين : من الشطن وهو البعد الذي منه سمي الحبل الطويل، ومن الشيط الذي هو الإسراع في الاحتراق والسمن، فهو من المعنيين مشتق كلفظ إنسان وملائكة ﴿عنها﴾ أي عن مواقعة الشجرة وعن كلمة تقتضي المجاوزة عن سبب ثابت كقولهم : رميت عن القوس - انتهى.
١٠٥
وتحقيقه فأصدر الشيطان زلتهما أو زوالهما عنها ﴿فأخرجهما﴾ أي فتسبب عن إيقاعهما في الزلل الناشئ عن تلك المواقعة أنه أخرجهما ﴿مما كانا فيه﴾ من النعمة العظيمة التي تجل عن الوصف.
قال الحرالي :" في " كلمة تقتضي وعاء مكان أو مكانة، ثم قال : أنبأ الله عز وجل بما في خبء أمره مما هو من وراء علم الملائكة بما أظهر من أمر آدم عليه السلام وبما وراء علم آدم بما أبدى من حال الشيطان باستزلاله لآدم حسن ظن من آدم بعباد الله مطلقاً حين قاسمهما على النصيحة، وفيه انتظام بوجه ما بتوقف الملائكة في أمر خلق آدم فحذرت الملائكة إلى الغاية، فجاء من وراء حذرهما حمد أظهره الله من آدم، وجاء من وراء حسن ظن آدم ذنب أظهره الله من الشيطان على سبيل سكن الجنة فرمى بهما عن سكنها بما أظهر له بما فيها من حب الشجرة التي اطلع عليها.