سورة البقرة
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٣
ولما كان المعنى ﴿آلم﴾ هذا كتاب من جنس حروفكم التي قد وفقتم في التكلم بها سائر الخلق فما عجزتم عن الإتيان بسورة من مثله إلانه كلام الله انتج ذلك كماله، فأشير إليه بأداة البعد ولام الكمال في قوله ﴿ذلك الكتب﴾ لعلو مقدار بجلالة آثاره وبعد رتبته عن نيل المطرودين.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣
ولما علم كماله أشار إلى تعظيمه بالتصريح بما ينتجه ويسلتزمه ذلك التعظيم فقال ﴿لاريب فيه﴾ أي في شيء من معناه ولانظمه في نفس الأمر عند من تحقق بالنظر فالمنفي كونه متعاقاًللريب ومظنة له، ولم يقد الظرف لأنه كان يفيد الاختصاص فيهم أن غيره من الكتب محل الريب قال الحرالي :" ذا " اسم مدلوله المشار إليه، والام مدلوله معها بُعدمّا ﴿الكتاب﴾ من الكتب وهو وصل الشىء المنفصل بوصلة خفية من أصله كالخرز في الجلد بقد منه والخياطة في الثوب بشىء من جنسه ليكون أقرب لصورة اتصاله الول، فسمي به ما أزمه الناس من الأحكام وما أثبت بالقوم من الكلام ﴿لا﴾ لنفي ما هو ممتع مطلقاً أو
٣٣
في وقت " اليب " التردد بين موقعي تهمة بيحث يمنع من الطمأنينة على كل واحد منها.
اتهى.
وأصله قلق النفس واضراربه، ومنه ريب الزمان لنوائبه المقلقة، ولما كان ذلك يستلزم الهدى قال :﴿هدى﴾ وخص المنتفعين لن الألد لادواء له والتعنت لايرده شىء فقال :﴿للمتقين﴾ أي الذين جلبوا في أصل الخلقة على التقوى ؛ فافهم ذلك أن غيرهم لايهتدي بهبل يرتاب وإن كان ليس موضعاًللريب أصلاً قال الحرالي : جمع المتقى وهو المتوقف عن الإقدام على كل أمر لشعوره بتقصير عن الاستباد وعلمه بأنه غير مستغن بنفسه فهو متق لوصفه وحسن فطرته والمتقى كذا متوقف لأجل ذلك، والتقوى أصل يتقد الهدى وكل عبادة، لأنها فطرة توقف تستحق الهدى وكل خير وهي وصية الله لأهل الكتاب.
انتهى.
ثم وصفهم بمجامع الأعمال تعريفاً لهم فقال ﴿الذين يؤمنون بالغيب﴾ أي الأمر الغائب الذي لانافع في الإيمان غيره، وعبر بالمصدر للمبالغة.


الصفحة التالية
Icon