وقال الإمام محمد بن عبد الرحمن المراكشي الأكمه في شرح نظمه لمصباح ابن مالك في المعاني والبيان ما يصلح أن يكون متناً وجملة وما تقدم شرحاً له وتفصيلاً قال : الجهة المعجزة في القرآن تعرف بالتفكر في علم البيان وهو كما اختاره جماعة في تعريفه ما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى وعن تعقيده، وتعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال، لأن جهة إعجازه ليست مفردات ألفاظه وإلا لكانت قبل نزوله معجزة، ولا مجرد تأليفها وإلا لكان كل تأليف معجزاً، لا إعرابها وإلا لكان كل كلام معرب معجزاً، ولا مجرد أسلوبه وإلا لكان الابتداء بأسلوب الشعر معجزاً - والأسلوب الطريق - ولكان هذيان مسيلمة معجزاً، ولأن الإعجاز يوجد دونه أي الأسلوب في نحو ﴿فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا﴾ [يوسف : ٨٠] ﴿فاصدع بما تؤمر﴾ [الحجر : ٩٤] ولا بالصرف عن معارضته، لأن تعجبهم كان من فصاحته، ولأن مسيلمة وابن المقفّع والمعري وغيرهم قد تعاطوها فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع ويضحك منه في أحوال تركيبه ويهان بتلك الأحوال، أعجز البلغاء وأخرس الفصحاء ؛ فعلى إعجازه دليل إجمالي وهو أن العرب عجزت عنه وهو بلسانها فغيرها أحرى، ودليل تفصيلي مقدمته التفكر في خواص تركيبه، ونتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شيء علماً - انتهى.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في أواخر العنكبوت ما ينفع ها هنا وأشار سبحانه في تهديدهم بقوله :﴿فاتقوا النار﴾ كذا قال الحرالي، وهي جوهر لطيف يفرط لشدة لطافته في تفريط المتجمد بالحر المفرط وفي تجميد المتمتع بالبرد المفرط.
وقال غيره : جسم لطيف مضيء حار من شأنه الإحراق ﴿التي وقودها﴾ أي الشيء الذي يتوقد ويتأجج به ﴿الناس والحجارة﴾ التي هي أعم من أصنامهم التي قرنوا
٦٩