عند اعتبار العمل به بأن نياتهم في الأعمال صالحة ثابتة مرابطة حتى جرُّوا بها هذا الاتصال وكمال الصورة في الرزق ومنه حديث مرفوع أخرجه الطبراني عن سهل بن سعد :"نية المؤمن خير من عمله" ﴿وأتوا به متشابهاً﴾ أظهر عذرهم في توهم اتحاد الثمر وعرف بأمنتهم من العنا، لأنه لو تفاوت تبعه الكراهة للأدنى وتكلف للانتقاء للأعلى وذلك إنما هو لائق بكيد الدنيا لا بنعيم الجنة، وقد ذكر بعض العلماء اطراد هذا التشابه في ثمر الجنة وإن اختلفت أصنافه، ويضعفه ما يلزم منه كمال الدلالة في المعنى والصورة في نحو قوله تعالى :﴿فيهما فاكهة ونخل ورمان﴾ [الرحمن : ٦٨] وما يجري مجراه - انتهى.
ولما ذكر المسكين الذي هو محل اللذة وأتبعه المطعم المقصود بالذات وكانت لذة
٧٣
الدار لا تكمل إلا بأنس الجار لا سيما المستمتع به قال :﴿ولهم فيها﴾ أي مع ذلك ﴿أزواج﴾ ولما كن على خلق واحد لا نقص فيه أشار إليه بتوحيد الصفة، وأكد ذلك بالتعبير بالتفعيل إلماماً بأنه عمل فيه عمل ما يبالغ فيه بحيث لا مطمع في الزيادة فقال :﴿مطهرة﴾.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦١
قال الحرالي : والزوج ما لا يكمل المقصود من الشيء إلا معه على نحو من الاشتراك والتعاون، والتطهير تكرار إذهاب مجتنب بعد مجتنب عن الشيء ؛ ولما ذكر تعالى الرزق المستثمر من أعمال الذين ىمنوا وصل به ذكر الأزواج المستثمرة من حال نفوسهم من حسن أخلاقها وجمال صورتها الباطنة في الدنيا، وكانت المرأة زوج الرجل لما كان لا يستقل أمره في النسل والسكن إلا بها - انتهى.


الصفحة التالية
Icon