قال الحرالي : لما كان الذين آمنوا ممن بادر فأجاب وكان ضرب المثل تأكيد دعوة وموعظة لمن حصل منه توقف حصل للذين آمنوا استبصار بنور الإيمان في ضرب المثل، فصاروا عالمين بموقع الحق فيه، وكما استبصر فيه الذين آمنوا استغلق معناه على الذين كفروا وجهلوه فاستفهموا عنه استفهام إنكار لموقعه - انتهى.
فلذا قال ﴿وأما الذين كفروا﴾ أي المجاهرون منهم والمساترون ﴿فيقولون﴾ أي قولاً مستمراً ﴿ماذا﴾ أي الذي ﴿أراد الله﴾ الذي هو أجل جليل ﴿بهذا﴾ الحقير أي بضربه له ﴿مثلاً﴾ أي على جهة المثلية استهزاء وجهلاً وعناداً وجفاءً ؛ ثم وصل بذلك ذكر ثمرته عند الفريقين جواباً لسؤال من سأل منهم فقال :﴿يضل به كثيراً﴾ أي منهم بأن لا يفهمهم المراد منه فيظنون بذلك الظنون.
وقال الحرالي : وكان إضلالاً لهم، لأن في ضرب المثل بما يسبق لهم استزراؤه بنحو الذباب والعنكبوت الذي استمروا ضرب المثل به تطريق لهم إلى الجهالة فكان ذلك إضلالاً، وقدم الجواب بالإضلال لأنه مستحق المستفهم، والإضلال التطريق للخروج عن الطريق الجادة المنجية - انتهى.
﴿ويهدي به كثيراً﴾ أي ببركة اعتقاهم الخير وتسليمهم له الأمر يهديهم ربهم بإيمانهم فيفهمهم المراد منه ويشرح صدورهم لما فيه من المعارف فيزيدهم به إيماناً وطمأنينة وإيقاناً، والمهديون كثير في الواقع قليل بالنسبة إلى الضالين.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٤
ولما كان المقام للترهيب كما مضى في قوله :﴿فاتقوا النار﴾ اكتفى في المهتدين بما سبق من بشارتهم وقال في ذم القسم الآخر وتحذيره :﴿وما يضل به إلا﴾، قال الحرالي : كأنها مركبة من " إن " و" لا " مدلولها نفي حقيقة ذات عن حكم ما قبلها - انتهى.
﴿الفاسقين﴾ أي الخارجين عن العدل والخير.
وقال الحرالي : الذين خرجوا عن إحاطة الاستبصار و
٧٧


الصفحة التالية
Icon