ولما كانت السماء أشرف من جهة العلو الذي لا يرام، والجوهر البالغ في الأحكام، والزينة البديعة النظام، المبنية على المصالح الجسام، وكثرة المنافع والأعلام، عبر في أمرها بثم فقال :﴿ثم استوى إلى السماء﴾ أي وشرف على ذلك جهة العلو بنفس الجهة والحسن والطهارة وكثرة المنافع، ثم علق إرادته ومشيئته بتسويتها من غير أدنى عدول ونظر إلى غيرها، وفخم أمرها بالإبهام ثم التفسير، والإفراد الصالح لجهة العلو تنبيهاً على الشرف، وللجنس الصالح للكثرة، ولذلك أعاد الضمير جمعاً، فكان
٨٢
خلق الأرض وتهيئتها لما يراد منها قبل خلق السماء، ودحوها بعد خلق السماء ؛ على أن ثم للتعظيم لا للترتيب فلا إشكال، وتقديم الأرض هنا لأنها أدل لشدة الملابسة والمباشرة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٤