يفعلوا ما أرادوا، لا تبال بشيء من ذلك، ولا تترك وعظّهم بهذا القرآن، أي ما عليك إلا البلاغ، لم نكلفك في هذه الحالة أكثر منه ﴿أن تبسل﴾ قال في المجمل : السبل : النخل، وأبسلته : أسلمته للهلكة، فالمعنى : كراهة أن تخلي وتسلم ﴿نفس بما﴾ أي بسبب ما ﴿كسبت﴾ في دنياها كائنة ﴿ليس لها من دون الله﴾ أي المنفرد بالعظمة ﴿ولي﴾ أي يتولى نصرها ﴿ولا شفيع﴾ ينقذها بشفاعته.
ولما كان الفداء من اسباب الخلاص قال :﴿وإن تعدل﴾ أي تلك النفس لأجل التوصل إلى الفكاك ﴿كل عدل﴾ أي كل شيء يظن أنه يعدلها ولو كان أنفس شيء ؛ " ولما " كان الضار عدم الأخذ، لا كونه من معين، بني للمفعول قوله :﴿لا يؤخذ منها﴾ ولما أنتج ذلك قطعاً أن من هذا حاله هالك، قال :﴿أولئك﴾ أي الذين عملوا هذه الآيات ما ظهر على ألسنتهم ﴿وعذاب أليم﴾ أي يعم دائماً ظواهرهم وبواطنهم بما ظهر عليهم من ذلك بعد ما بطن ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿كانوا يفكرون *﴾ أي يجددون من تغطية الآيتات.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٥٢
ولما تقرر أن غير الله لا يمنع من الله بنوع، لا آلهتهم التي زعموا أنها شفعاؤهم ولا غيرها، ثبت أنهم على غاية البينة من أن كل ما سواء لا ينفع شيئاً ولا يضر، فكان في غاية التبكيت لهم قوله :﴿قل﴾ أي بعد ما أقمت من الأدلة على أنه ليس لأحد مع الله أمر، منكراً عليهم موبخاً لهم ﴿أندعوا﴾ أي دعاء عبادة، وبين حقارة معبوداتهم فقال :﴿من دون الله﴾ أي المنفرد بجميع الأمر.
ولما كان السياق لتعداد النعم ﴿الذي خلق السماوات والأرض﴾ [الأنعام : ٧٣] ﴿خلقكم من طين﴾ [الأنعام : ٢] ﴿يطعم ولا يطعم﴾ [الأنعام : ١٤] ﴿ويرسل عليكم حفظة﴾ [الأنعام : ٦١] ﴿من ينجيكم من ظلمات البر والبحر﴾ [الأنعام : ٦٣] ﴿الله ينجيكم منها ومن كل كرب﴾ [الأنعام : ٦٤] قدم النفع في قوله :﴿ما لنا لا ينفعنا ولا يضرنا﴾ أي لا يقدر على شيء من ذلك، ليكونوا على غاية اليأس من اتباع حزب الله
٦٥٤


الصفحة التالية
Icon