ولما قرر أنه لا يتخلف شيء عن أمره، علله فقال :﴿قوله الحق﴾ أي لا قول غيره، لأن أكثر قول غيره باطل، لأنه يقول شيئاً فلا يكون ما أراد ؛ ولما كان في مقام الترهيب من سطوته، قال مكرراً لقوله " وهو الذي إليه تحشرون " :﴿وله﴾ أي وحده بحسب الظاهر والباطن ﴿الملك يوم﴾ ولما كان المقصود تعظيم النفخة، بني للمفعول قوله :﴿ينفخ في الصور﴾ لانقطاع العلائق بين الخلائق، لا كما ترون في هذه الدار من تواصل الأسباب، وقولُه - :﴿عالم الغيب﴾ وهو ما غاب عن كل ما سواه سبحانه ﴿والشهادة﴾ وهو ما صار بحيث يطلع عليه الخلق - مع كونه علة لما قبله من تمام القدرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في طه من تمام الترهيب، أي أنه لا يخفى عليه شيء من أحوالكم، فاحذروا جزاءه يوم تنقطع الأسباب، ويذهب التعاذد والتعاون، وهو على عادته سبحانه في أنه ما ذكر أحوال البعث إلاّ قرر فيه أصلين : القدرة على جميع الممكنات، والعلم بجميع المعلومات الكليات والجزئيات، لأنه لا يقدر على البعث إلا من جمع الوصفين ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿الحكيم﴾ أي التام الحكمة، فلا يضع شيئاً في غير محله ولا على غير أحكام، فلا معقب لأمره، فلا بد من البعث ﴿الخبير *﴾ بجميع الموارد والمصادر، فلا خفاء لشيء من أفعال أحد من الخلق عليه في ظاهر ولا باطن ليهملهم عن الحساب.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٥٦


الصفحة التالية
Icon