ولما كان المعنى : أحق بالأمن، عدل عنه إلى قوله مشيراً إليهم بأداة البعد تنبيهاً على علو رتبتهم :﴿أولئك لهم﴾ أي خاصة ﴿الأمن﴾ أي لما تقدم من وصفهم ﴿وهم مهتدون﴾ أي وأنتم ضالون، فأنتم هالكون لإشرافكم على المهالك " وتفسيرُ النبي ﷺ فيما أخرج الشيخان والترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لهذا الظلم المطلق في قوله تعالى ﴿بظلم﴾ بالشرك " الذي هو ظلم موصوف بالعظم في قوله تعالى ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ [لقمان : ١٣] تنبيه للصحابة رضوان الله عليهم على أن هذا التنوين للتعظيم، ولأنهم أهل اللسان المطبوعون فيه صفوا بذلك واطمأنوا إليه، ولا شك أن السياق كله في التنفير عن الشرك، وأنه دال على الحث على التبريء عن قليل الشرك وكثيره، فآل الأمر إلى أن المراد : ولم يلبسوا إيمانهم بشيء من الشرك، فالتنوين حينئذٍ للتحقير كما هو للتعظيم، فهو من استعمال الشيء في حقيقته ومجازه أو في معنيه المشترك فيهما لفظه معاً - والله أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٥٩


الصفحة التالية
Icon