ولما كان المذكوران قبله ممن سلطهما على الملوك، أتبعهما من سلط الملوك عليهما، وأدام الله سبحانه حياتهما إلى أن يريد سبحانه فقال :﴿وعيسى وإلياس﴾ ولما كان هؤلاء الأربعة من الصابرين، قال مادحاً لهم على وجه يعم من قبلهم :﴿كل﴾ أي من المذكورين ﴿من الصالحين *﴾ ثم أتبعهم من لم يكن بينهما وبين الملوك أمر، وهدى بهما من كان بين ظهرانيه فقال :﴿وإسماعيل واليسع﴾ هذا إن كان اليسع هو ابن أخطوب ابن العجوز خليفة إلياس، كما ذكر البغوي في سورة الصافات أن الله تعالى أرسل إلى إلياس - وهو من سبط لاوي من نسل هارون عليه السلام - فرساً من نار فركبه فرفعه الله وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، وكساه الريش، فكان إنسياً ملكياً أرضياً سماوياً، وسلط الله على آجب - يعني الملك الذي سلط على إلياس - عدواً فقتله ونَبأ الله اليسع وبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل، وأيده فآمنت به بنو إسرائيل وكانوا يعظمونه وإن كان اليسع هو يوشع بن نون - كما قال زيد بن أسلم - فالمناسبة بينه وبين إسماعيل عليهما السلام أن كلاًّ منهما كان صادق الوعد، لأن يوشع أحد النقيبين اللذين وفيا لموسى عليه السلام حين بعثهم يجسون بلاد بيت المقدس كما أشير إليه في قوله تعالى ﴿ولقد أخذ الله ميثاق بني إسراءيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً﴾ [المائدة : ١٢] وقوله ﴿وقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما﴾ [المائدة : ٢٣] وأيضاً فكل منهما كان سبب عمارة بلد الله الأعظم بالتوحيد، فإسماعيل سبب عمارة مكة المشرفة، ويوشع سبب عمارة البلدة المقدسة - كما سيأتي في سورة يونس إن شاء الله تعالى.
ولما كان إسماعيل واليسع ممن هدى الله بهما قومهما من غير عذاب، أتبعهما مَن هدى الله قومه بالعذاب وأنجاهم بعد إتيان مخايله فقال :﴿ويونس﴾ أي هديناه ؛ ولما
٦٦٧


الصفحة التالية
Icon