ولما كان فلقهما عن النبات من جنس الإحياء لما فيه من النمو فسر معنى الفلق وبينه إشارة إلى الاعتناء به وقتاً بعد وقت بقوله :﴿يخرج﴾ أي على سبيل التجدد والاستمرار تثبيتاً لأمر البعث ﴿الحي﴾ أي كالنجم والشجر والطير والدواب ﴿من الميت﴾ من الحب والنوى والبيض والنطف فكيف تنكرون قدرته على البعث ؛ ولما انكشف معناه وبان مغزاه بإخراج الأشياء من أضدادها لئلا يتوهم - لو كان لا يخرج عن شيء إلا مثله - أن الفاعل الطبيعة والخاصية، عطف على ﴿فالق﴾ زيادة في البيان قوله معبراً باسم الفاعل الدال على الثبات لأنه لا منازعة لهم فيه، فلم تدع حاجة إلى التعبير بالفعل الدال على التجدد :﴿ومخرج الميت﴾ أي من الحب وما معه ﴿من الحي﴾ أي من النجم وما معه.
ولما تقررت له سبحانه هذه الأوصاف التي لا قدرة أصلاً لأحد غيره على شيء منها، قال منبهاً لهم على غلطهم في إشراكهم، إعلاماً بأن كل شريك ينبغي أن يساوي شريكه في شيء ما من الأمر المشرك فيه، ولا مكافئ له سبحانه وتعالى في شيء من الأشياء فلا شريك له بوجه :﴿ذلكم﴾ أي العالي المراتب المنيع المراقي هو ﴿الله﴾ أي
٦٧٨
المستجمع لصفات الكمال وحده فلا يحق الإلهية إلا له ؛ ولما كان هذا معنى الكلام، سبب عنه قوله :﴿فأنَّى﴾ أي فكيف ومن أيّ وجه ﴿تؤفكون *﴾ أي تصرفون وتقلبون عما ينبغي اعتقاده.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧٥


الصفحة التالية
Icon