على ما يجب قوله على كل من سمع ذلك، فقال :﴿سبحانه﴾ أي أسبحه سبحاناً يليق بجلاله أن يضاف إليه ؛ ولما كان معنى التسبيح الإبعاد عن النقص، وكان المقام يقتضي كونه في العلو، صرح به فقال :﴿وتعالى﴾ أي تباعد أمر علوه إلى حد لا حد له ولا انتهاء ﴿عما يصفون *﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٨٤
ولما ختم بالتنزيه عما قالوا من الشريك والولد، استدل على ذلك التنزيه بأن الكل خلقه، محيط بهم علمه، ولن يكون المصنوع كالصانع، فقال :﴿بديع السماوات والأرض﴾ أي مبدعهما، وله صفة الإبداع، أي القدرة على الاختراع ثابتة، ومن كان كذلك فهو غني عن التوليد، فلذا حسن التعجب في قوله :﴿أنَّى﴾ أي كيف ومن أيّ وجه ﴿يكون له ولد﴾ وزاد في التعجيب بقوله :﴿ولم﴾ أي الحال أنه لم ﴿يكن له صاحبة و﴾ الحال أنه ﴿خلق كل شيء﴾ أي مقدور ممكن من كل صاحبة تفرض، وكل ولد يتوهم، وكل شريك يدعي فكيف يكون المبدع محتاجاً إلى شيء من ذلك على وجه التوليد أو غيره.
ولما كانت القدرة لا تتم إلا بشمول العلم قال :﴿وهو﴾ ولم يضمر تنبيهاً على أن عموم العلم لا تخصيص فيه كالخلق فقال :﴿بكل شيء عليم*﴾ أي فهو على كل شيء قدير، لأن شمول العلم يلزمه تمام القدرة - كما يأتي برهانه إن شاء الله في طه، ومن كان له ولد لم يكن محيط العلم ولا القدرة، بل يكون محتاجاً إلى التوليد.


الصفحة التالية
Icon