ولما كان أكثر من يجزم بالأمور مبا دعاه إليه ظنه كذباً، وكان الخارص يقال على الكاذب والمخمن الحازر، قال :﴿وإن هم﴾ أي بصميم ضمائرهم ﴿إلا يخرصون *﴾ أي يجزمون بالأمور بحسب ما يقدرون، فيكشف الأمر عن أنها كذب، فيعرف الفرق بينك وبينهم في تمام الكلام ونفوذه نفوذ السهام، أو تخلفه عن التمام ونكوصه بالسيف الكهام، فلا يبقى شبهة في أمر المحق والمبطل.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٩٨
٧٠٠
ولما كان المقام للعلم الكاشف للحقائق المبين لما يتبع وما يجتنب، قال معللاً لهذا الإخبار :﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بإنزال هذا الكتاب الكاشف للارتياب الهادي إلى الصواب ﴿هو﴾ أي وحده ﴿أعلم﴾ ولكون الحال شديد الاقتضاء للعلم، قطعه عما بعده ليسبق إلى الفهم أنه أعلم من كل من يتوهم فيه العلم مطلقاً ثم قال :﴿من﴾ أي يعلم من ﴿يضل﴾ أي يقع منه ضلال يوماً ما ﴿عن سبيله﴾ أي الذي بينه بعلمه ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿أعلم بالمهتدين *﴾ كما أنه أعلم بالضالين، فمن أمركم باتباعه فاتبعوه، ومن نهاكم عنه فاجتنبوه، فمن ضل أرداه، ومن اهتدى أنجاه، فاستمسكوا بأسبابه حذراً من وبيل عقابه يوم حسابه.


الصفحة التالية
Icon