ولما كان العرب يدعون الأذهان الثاقبة والأفكار الصافية والآراء الصائبة والعقول الوافرة النافذة، ذكر لهم ذلك على سبيل التعليل استهزاء بهم، يعني أنهم فعلوا ذلك لهذه العلة فلم يفطنوا بهم ولم يدركوا ما أرادوا بكم مع أنهم حجارة، فأنتم أسفل منهم ؛ وملا أثبت للشركاء فعلاً هو التزيين، وكان قد نفي سابقاً عنهم وعن سائر أعداء الأنبياء الاستقلال به، وأناط الأمر هناك - لأن السياق للأعداء - بصفة الربوبية المقتضية للحياطة والعناية، وكان الكلام هنا في خصوص الشركاء، علق الأمر باسم الذات الدال على الكمال المقتضي للعظمة والجبروت والكبر وسائر الأسماء الحسنى على وجه الإحاطة الجلال فقال :﴿ولو شاء الله﴾ أي بما له من العظمة والإحاطة بجميع أوصاف الكمال المقتضية للعلو عن الأنداد والتنزه عن الشركاء والأولاد أن لا يفعله المشركون ﴿ما فعلوه﴾ أي ذلك الذي زين لهم، بل ذلك إنما هو بإرادته ومشيئه احتراساً من ظن أنهم يقدرون على شيء استقلالاً، وتسلية لرسول الله ﷺ وتخفيفاً، وأكد التسلية بقوله :﴿فذرهم وما يفترون *﴾ أي يتقولون من الكذب ويتعمدونه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٢٠
ولما ذكر إقدامهم على ما قبحه الشرع، ولامه على تقبيحه العقلُ من قتل الأولاد، أتبعه إحجامهم عما حسنه الشرع من ذبح بعض الأنعام لنفعهم، وضم غليه جملة مما منعوا أنفسهم منه ودانوا به لمجرد أهوائهم فقال :﴿وقالوا﴾ أي المشركون سفهاً وجهلاً
٧٢٣


الصفحة التالية
Icon