من الأمور الباهرة والأسرار الظاهرة، وعلى عبد هو أكمل الخلق ؛ أعقب الوصفين بقوله بياناً لتمام علمه وشمول قدرته :﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي﴾ ولما فصل أمر المنزل إلى المحكم والتشابه نظر اليه جملة كما اقتضاه التعبير بالكتاب فعبر بالإنزال دون التنزيل فقال :﴿أنزل عليك﴾ أي خاصة ﴿الكتاب﴾ أي القرآن، وقصر الخطاب على النبي لأن هذا موضع الراسخين وهو رأسهم دلالة على أنه لا يفهم هذا حق فهمه من الخلق غيره.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣
قال الحرالي : ولما كانت هذه السورة فيما اختصت به من علن أمر الله سبحانه وتعالى مناظرة بسورة البقرة فيما أنزلت من إظهار كتاب الله سبحانه وتعالى كان المنتظم بمنزل فاتحتها ما يناظر المنتظم بفاتحة سورة البقرة، فلما كانت سورة البقرة منزل كتاب هو الوحي انتظم بترجمتها الإعلام بأمر كتاب الخلق الذي هو القدر، فكما بين في أول سورة البقرة كتاب تقدير الذي قدره وكتبه في ذوات من مؤمن وكافر ومردد بينهما هو المنافق فتنزلت سورة كتاب للوحي إلى بيان قدر الكتاب الخلقي لذلك كان متنزل هذا الافتتاح الإلهي إلى أصل منزل الكتاب الوحي ؛ ولما بين أمر الخلق أن منهم من فطره على الإيمان ومنهم من جبله على الكفر ومنهم من أناسه بين الخلقين، بين في الكتاب أن منه ما أنزله على الإحكام ومنه ما أنزله على الاشتباه ؛ وفي إفهامه ما أنزله على الافتنان والإضلال بمنزله ختم الكفار ؛ انتهى ـ فقال :﴿منه آيات محكمات﴾ أي لا خفاء بها.
قال الحرالي : وهي التي أبرم حكمها فلم ينبتر كما يبرم الحبل الذي يتخيذ حكمة أي زماماً يزم به الشيء الذي يخاف خروجه على الانضباط، كأن الآيه المحكمة تحكم النفس عن جولانها وتمنعها من جماحها وتضبطها إلى محال مصالحها، ثم قال : فهي آي التعبد من الخلق للخلق اللائي لم يتغير حكمهن في كتاب من هذه الكتب الثلاث المذكورة، فهن لذلك أم ـ انتهى.


الصفحة التالية
Icon