لأنه حجة في غير محل التخصيص، ولامجمل ليس بحجة أصلاً - أفاده الإمام الرازي ؛ فقال تعالى :﴿طاب﴾ أي زال عنه حرج النهي السابق ولذّ، وأتبعه قيداً لا بد منه بقوله :﴿لكم﴾ وصرح بما علم التزاماً فقال :﴿من النساء﴾ أي من غيرهن ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أي حال كون هذا المأذون في نكاحه موزَّعاً هكذا : ثنتين ثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً لكل واحد، وهذا الحكم عرف من العطف بالواو، ولو كان بأو لما أفاد التزوج إلا على أحد هذه الوجوه الثلاثة، ولم يفد التخيير المفيد للجمع بينها على سبيل التوزيع، وهذا دليل وضاح على أن النساء أضعاف الرجال، وروى البخاري في التفسير " عن عروة ابن الزبير أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى :﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى﴾ [النساء : ٣]، قالت : يا ابن أختي! هذه التيمة تكون في حجر وليها، وتشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن قال عروة : قالت عائشة : وإن الناس استفتوا رسول الله ﷺ بعد هذه الآية، فأنزل الله عز وجل ﴿ويستفتونك في النساء﴾ [النساء : ١٢٧] قالت عائشة : وقول الله عز وجل في آية أخرى ﴿وترغبون أن تنكحوهن﴾ [النساء : ١٢٧] رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال، قالت : فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله في يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهم إذا كن قليلات المال والجمال " وفي رواية " في النكاح "، فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى في الصداق ؛ وهذا الخطاب للأحرار دون العبيد، لأن العبد لا يستقل بنكاح ما طاب له، بل لا بد من إذن السيد.