ولما انقضى ما هو كلحمة النسب أتبعه أمر بالمصاهرة فقال :﴿وأمهات نسائكم﴾ أي دخلتم بهن أو لا - لما في ذلك من إفساد ذات البين غالباً ﴿وربائبكم﴾ وذكر سبب الحرمة فقال :﴿اللاَّتي في حجوركم﴾ أي بالفعل أو بالقوة - لما فيهن من شبه الأولاد ﴿من نسائكم﴾ ولما كانت الإضافة تسوغ في اللغة بأدنى ملابسة بين سبحانه أنه لا بد من الجماع الذي كنى عنه بالدخول لأنه ممكن لحكم الأزواج الذي يصير به أولادها كأولاده فقال :﴿اللاَّتي دخلتم بهن﴾ قيد بالدخول لأن غيره الأم من ابنتها دون غيرة البنت من أمها.
ولما أشعر هذا القيد بحل بنت من عقد عليها ولم يدخل بها أفصح به تنبيهاً على عظيم حرمة الإرضاع فقال :﴿فإن لم تكونوا دخلتم بهن﴾ أي الأمهات ﴿فلا جناح عليكم﴾ أي في نكاحهن ؛ ولما افتتح المحرمات على التأبدي بزوجة الأب ختمها بزوجة الولد فقال :﴿وحلائل أبنائكم﴾ أي زوجة كانت أو موطوءة بملك يمين ؛ ولما لم يكن المتبنى مراداً قيد بقوله :﴿الذين من أصلابكم﴾ أي وإن سفلوا، ودخل ما بالرضاع لأنه كلحمة النسب فلم يخرجه القيد.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣١
ولما انقضى التحريم المؤبد أتبعه الموقت فقال :﴿وأن﴾ أي وحرم عليكم أن ﴿تجمعوا﴾ بعقد نكاح لأن مقصوده الوطء، أو بوطء في ملك يمين ﴿بين الأختين﴾ فإن كانت إحداهما منكوحة والأخرى مملوكة حلت المنكوحة وحرمت المملوكة ما دام الحل، لأن النكاح أقوى، فإذا زال الحل حلت الأخرة ولو في عدة التي كانت حلالاً.
ولما كان الجمع بين الأختين شرعاً قديماً قال :﴿إلا ما قد سلف﴾ أي فإنه لا إثم عليكم فيه رحمة من الله لكم، ثم علل رفع حرجه فقال :﴿إن الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال ﴿كان غفوراً﴾ أي ساتراً لما يريد من أعيان الزلل وآثاره ﴿رحيماً *﴾ أي معاملاً بغاية الإكرام الذي تر ضاه الإلهية.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣١