ولما تقدم أول السورة وأثناءهها الأمر بدفع الصداق والنهي عن أخ ذشيء مما دفع إلى المرأة، وكان ذلك أعم من أن يكون بعد الدخول أو قبله، مسمى أو لا قال هنا مسبباً عن الابتغاء المذكور :﴿فما استمتعتم﴾ أي أوجدتم المتاع وهو الانتفاع ﴿به منهن﴾ بالبناء بها، متطلبين لذلك من وجوهه الصحيحة راغبين فيه ﴿فآتوهن أجورهن﴾ أي عليه كاملة، هي المهور ﴿فريضة﴾ أي حال كونها واجبة من الله ومسماة مقدرة قدرتموها على أنفسكم، ويجوز كونه تأكيداً لآتوا بمصدر من معناه ﴿ولا جناح﴾ أي حرج وميل ﴿عليكم فيما تراضتيم به﴾ أي أنتم والأزواج ﴿من بعد الفريضة﴾ أي من طلاق أو فراق أو زيادة أو نقص إن كانت موجودة مقدرة، أو من مهر المثل من بعد تقديره إن لم تكن مسماة فيمت عقد عليها من غير تسمية صداق.
٢٣٤
ولما ذكر في هذه الآيات أنواعاً من التكاليف هي في غاية الحكمة، والتعبير عنها في الذروة العليا من العظمة، وختمها بإسقاط الجناح عند الرضى وكان الرضى أمراً باطناً لا يطلع عليه حقيقة إلا الله تعالى، حث على الورع في شأنه بنوط الحكم بغلبة الظن فقال مرغباً في امتثال أوامره ونواهيه :﴿إن الله﴾ أي الذي له الإحاطة التامة علماً وقدرة ﴿كان عليماً﴾ أي بمن يقدم محترياً لرضى صاحبه أو غير متحرٍّ لذلك ﴿حكيماَ *﴾ أي يضع الأشياء في أمكن مواضعها من الجزاء على الذنوب وغيره.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٣