ولما أتم سبحانه الحلال والحرام من هذه الحدود والأحكام، وختها بصفة الرحمة بين ما أراد باه من موجبات الرحمة تذكيراً بالنعمة لتشكر، وتحذيراً من أن تنسى فتكفر فقال تعالى :﴿يريد الله﴾ أي الملك الأعظم إنزال هذه الأحكام على هذا النظام ﴿ليبين لكم﴾ أي ليوقع لكم البيان الشافي فيما لكم وعليكم من شرائع الدين ﴿ويهديكم﴾ أي يعرفكم ﴿سنن﴾ أي طرق ﴿الذين﴾ ولما كان المراد بعض الماضين وقال :﴿من قبلكم﴾ أي من أهل الكتاب : الأنبياء وأتباعهم ﴿ويتوب عليكم﴾ أي يرجع بكم عن كل ما لا يرضيه، لا سيما ما يجر إلى المقاطعة - مثل منع النساء والأطفال الإرث، ومثل نكاح ما يحرم نكاحه وغير ذلك، فأعلمهم بهذا أنهم لم يخصهم بهذه التكاليف، بل يسلك بهم فيها صراط الذين أنعم عليهم ليكون ذلك أدعى لهم إلى القبول وأعون على الامتثال، وليتحققوا أن إلقاء أهل الكتاب الشبه إليهم وتذكيرهم بالأضغان لإرادة إلقاء العداوة محض حسد لمشاركتهم لهم في مننهم إذ هدوا لسننهم، وما أحسن ختم ذلك بقوله :﴿والله﴾ أي المحيط بأوصاف الكمال ﴿عليم حكيم *﴾ فلا يشرع لكم شيئاً إلا وهو في غاية الإحكام.
فاعملوا به يوصلكم إلى دار السلام.


الصفحة التالية
Icon