ولما كان التقدير : فكان الشيطان قرينهم، لكفره بإعجابه وكبره ؛ عطف عليه قوله :﴿ومن يكن الشيطان﴾ أي وهو عدوه البعيد من كل خير، المحترق بكل ضير ﴿له قريناً﴾ فإنه يحمله على كل شر، ويبعده عن كل خير ؛ وإلى ذلك أشار بقوله :﴿فساء قريناً *﴾ ولما كان التقدير : فماذا لهم في الكفر والإنفاق رياء لمن لا ضر ولا نفع بيده ؟ عطف عليه قوله تعنيفاً لهم وإنكاراً عليهم :﴿وماذا عليهم﴾ أي من حقير الأشياء وجليلها ﴿لو آمنوا بالله﴾ أي الذي له كل كمال، وبيده كل شيء ﴿واليوم الآخر﴾ الحامل على كل صلاح ﴿وأنفقوا﴾ ولما وصفهم بإنفاق جميع أموالهم للعدو الحقير أشار إلى شحهم فيما هو لله العلي الكبير بشيء يسير يحصل لهم به خير كثير، فقال :﴿مما رزقهم الله﴾ الذي له الغنى المطلق والجود الباهر، ولما كان التقدير : فقد كان الله عليهم لما بذروا أموالهم قديراً، عطف عليه قوله :﴿وكان الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال ﴿بهم﴾ أي في كلتا الحالتين ﴿عليماً *﴾ أي بليغ العلم، وللإعلام بعظمة العلم بهم قدم الجار المفيد للاختصاص في غير هذا الموضع.
٢٥٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥٤
ولما فرغ من توبيخهم قال معللاً :﴿إن الله﴾ أي الذي له كل كمال، فهو الغني المطلق ﴿لا يظلم﴾ أي لا يتصور أن يقع منه ظلم ما ﴿مثقال ذرة﴾ أي فما دونها، وإنما ذكرها لأناه كناية عن العدم، لأنها مثل في الصغر، أي فلا ينقص أحداً شيئاً مما عمله، ولا يثيب عليه شيئاً لم يعمله، فماذا على من آمن به وهو بهذه الصفة العظمى.


الصفحة التالية
Icon