ينبت ﴿والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه﴾ [الأعراف : ٥٨] ﴿فامسحوا﴾ وهذه عبادة خاصة بنا.
ولما كان التراب لا يتمكن من جميع العضو وإن اجتهد الإنسان في ذلك أدخل الباء قاصراً للفعل في قوله :﴿بوجوهكم﴾ أي أوقعوا المسح بها سواء عم التراب منبت الشعر أم لا ﴿وأيديكم﴾ أي منه كما صرح به ف المائدة، لا فيه ولا عليه مثلاً، ليفهم التمعك/ أو أن الحجر مثلاً يكفي، والملامسة جوز الشافعي رضي الله تعالى عنه أيضاً أن يراد بها المس - أي ملاقاة البشرتين - الذي هو حقيقة اللمس والجماع الذي هو مسبب عن المس، أو هو مماسة خاصة، فهو من تسمية الكل باسم البعض حينئذ.
ولام نهى عما يدني من وقوع صورة الذنب الذي هو جري اللسان بما لا يليق به سبحانه وتعالى، وخفف ما كان شديداً بالتيمم ؛ ختم الآية بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي اختص بالكمال ﴿كان عفوّاً﴾ أي بترك العقاب على الذنب، وكأن هذا راجع إلى ما وقع حالة السكر ﴿غفوراً *﴾ أي بترك العقاب وبمحو الذنب حتى لا ذكر بعد ذلك أصلاً، وكأن ها راجع إلى التيمم، فإن الصلاة معه حسنة، ولولاه كانت سيئة مذكورة ومعاقباً عليها، إما على تركها لمشقة استعمال الماء عند التساهل، أو على فعلها بغير طهارة في بعض وجوه التنطع، وذلك معنى قوله سبحانه وتعالى في المائدة ﴿ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج﴾ [المائدة : ٦] ومن كانت عادته العفو والمغفرة كان ميسراً غير معسر.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥٨