طردهم الذي له جميع صفات العظمة والكمال، وأبعدهم عن الخير ﴿بكفرهم﴾ أي بدناءتهم بما يغطون من أنوار الحق ودلائل الخير، فلم يقولوا ذلك ولما سبب عن طردهم استمر كفرهم قال :﴿فلا يؤمنون﴾ أي يتجدد لهم إيمان ﴿إلا قليلاً *﴾ أي منهم ؛ استثناء من الواو، فإنهم يؤمنون، أو هو استثناء مفرغ من مصدر يؤمن أي من إيمانهم ببعض الآيات الذي لا ينفعها لكفرهم بغيره.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦١
ولما بكتهم على فعلهم وقولهم وصرح بلعنهم، خوَّفهم إظهار ذلك في الصور المحسوسة فقال مقبلاً عليهم إقبال الغضب :﴿ياأيها الذين﴾ منادياً لهم من محل البعد ﴿أوتوا الكتاب﴾ ولم يسند الإيتاء إليه تحقيراً لهم، ولم يكتف بنصيب منه لأنه لا يكفي في العلم بالمصادقة إلا الجميع ﴿آمنوا بما نزلنا﴾ أي تدريجاً كما نزلنا التوراة كذلك، على ما لنا من العظمة التي ظهرت في إعجازه وإخباره بالمغيبات ودقائق العلوم مما عندكم وغيره على رشاقته وإيجازه ؛ وأعلم بعنادهم وحسدهم بقوله :﴿مصدقاً لما معكم﴾ من حيث أنهم له مستحضرون، وبه في حد ذاته مُقِّرون.