جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦
﴿إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد﴾ [آل عمران : ٤] ثم ارتبطت الآيات إلى آخرها.
انتهى.
٢٧
ولما تحقق أن يوم الجمع كائن لا محالة تحقق أن من نتائجه تحقيقاُ لعزته سبحانه وتعالى وانتقامه من الكفرة قوله تعالى :﴿إن الذين كفروا﴾ أي الذين يظنون لسترهم ما دلت عليه مرأى عقولهم أنهم يمتنعون من أمرالله لأنهم يفعلون في عصيانه وعداوة أوليائه فعل من يريد المغالبه ﴿لن تغني عنهم أموالهم﴾ أي وإن كثرت، وقدمها لأن بها قوام ما بعدها وتمام لذاته، وأكد بإعادة النافي ليفيد النفي عن كل حالة وعن المجموع فيكون أصرح في المرام ﴿ولا أولادهم﴾ وإن جلت وعظمت ﴿من الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿شيئاً﴾ أي من إغناء مبتدئاً من جهة الله، وإذا كانت تلك الجهة عارية عما يغني كان كل ما يأتيهم من قبله سبحانه وتعالى من بأس واقعاً بهم لا مانع له، فمهما أراد بهم كان من خذلان في الدنيا وبعث بعد الموت وحشر بعد البعث وعذاب في الآخرة، فأولئك المعرضون منه لكل بلاء ﴿وأولئك هم وقود النار﴾ وفي ذلك أعظم تنبيه على أن الزائغين الذين خالفوا الراسخين فوقفت بهم نعمه المقتضيه لتصديقه عن تصديقه ليست مغنية عنهم تلك النعم شيئاً، وأنهم مغلوبون لا محالة في الدنيا ومحشورون في الآخرة إلى جهنم.
ولما كانت هذه السورة سورة التوحيد كان الأليق بخطابها أن يكون الدعاء فيه إلى الزهد أتم من الدعاء في غيرها، والإشارة فيه إلى ذلك من الإشارة في غيره، فكانت هذه الآية قاطعة للقلوب النيرة بما أشارت إليه من فتنة الأموال والأولاد الموجبة للهلاك.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦


الصفحة التالية
Icon