وفي هذا الكلام إعلام بأن الذي وقع لعيه التزين الحب، لا الشيء المحبوب، فصار اللازم لأهل الدنيا إنما هو محبة الأمر الكلي من هذه المسميات وربما إذا تشخص في الجزئيات لم تكن تلك الجزئيات محبوبة لهم، وفيه تحريك لهمم أهل الفرقان إلى العلو عن رتبة الناس الذين أكثرهم لا يعلمون ولا يشكرون ولا يعقلون، ثم بين ذلك بما هو محط القصد كله، وآخر العمل من حيث إن الأعلق بالنفس حب أنثاها التي هي منها ﴿خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها﴾ [النساء : ١] فقال :﴿من النساء﴾ أي المبتدئة منهن، وأتبعه ما هو منه أيضاً وهو بينه وبين الأنثى فقال :﴿والبنين﴾ قال الحرالي : وأخفى فتنة النساء بالرجال ستراً لهن، كما أخفى أمر حواء في ذكر المعصية لآدم حيث قال :﴿وعصى آدم ربه﴾ [طه : ١٢١] فأخفاهن لما في ستر الحرم من الكرم، والله سبحانه وتعالى حي كريم - انتهى.
ثم أتبع ذلك ما يكمل به أمره فقال :﴿والقناطير﴾ قال الحرالي : جمع قنطار، يقال : هو مائة رطل ويقال : إن الرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهماً، والدرهم خمسون حبة وخمساً من حب الشعير، وأحقه أن يكون من شعير المدينة ﴿المقطنرة﴾ أي المضاعفة مرات - انتهى.
ثم بينها بقوله :﴿من الذهب والفضة﴾ ثم أتبعها الزينة الظاهرة التي هي أكبر الأسباب في تحصيل الأموال فقال :﴿والخيل﴾ قال الحرالي : اسم جمع لهذا الجنس المجبول على هذا الاختيال لما خلق له من الاعتزاز به وقوة المنة في الافتراس عليه الذي منه سمي واحدة فرساً ﴿المسومة﴾ أي المعلمة بأعلام هي سمتها وسيماها التي تشتهر بها جودتها، من السومة - بضم السين، وهي العلامة التي تجعل على الشاة لتعرف بها، وأصل السوم
٣٤