جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٩
ولما تمت هذه الجمل الاعتراضية التي صار ما بينها وبين ما قبلها وما بعدها بأحكام الرصف واتقان الربط من الامتزاج أشد مما بين الروح والجسد، المشيرة إلى أن هذه المحرمات هي التي تحقق بها أهل الكفر كمال المخالفة، فأيسوا معها من المواصلة والمؤالفة ؛ رجع إلى تتمات لتلك المحظورات، فقال مسبباً عن الرضى بالإسلام الذي هو الحنيفة السمحة المحرمة لهذه الخبائث لإضرارها بالبدن والدين :﴿فمن اضطر﴾ أي ألجىء إلجاء عظيماً - من أي شيء كان - إل تناول شيء مما مضى أنه حرم، بحيث لا يمكنه معه الكف عنه ﴿في مخمصة﴾ أي مجاعة عظيمة ﴿غير متجانف﴾ أي متعمد ميلاً ﴿لإثم﴾ أي بالأكل على غير سد الرمق، أو بالبغي على مضطر آخر بنوع مكر أو العدو عليه بضرب قهر، وزاد بعد هذا التقييد تخويفاً بقوله :﴿فإن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿غفور رحيم *﴾ أي يمحو عنه إثم ارتكابه للمنهي ولا يعاقبه عليه ولا يعاتبه ويكرمه، بأن يوسع عليه من فضله، ولا يضطره مرة أخرى - إلى غير ذلك من الإكرام وضروب الأنعام.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٩
ولما تقدم إحلال الصيد وتحريم الميتة، وختم ذلك بهذه الرخصة، : وكان النبي ﷺ قد أمر بقتل الكلاب " وكان الصيد ربما مات في يد الجارح قبل إدراك ذكاته، سأل بعضهم عما يحل من الكلاب، وبعضهم عما يحل من ميتة الصيد إحلالاً مطلقاً لا بقيد الرخصة، إذ كان الحال يقتضي هذا السؤال ؛ روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي رافع رضي الله عنه قال :" أمرني رسول الله ﷺ بقتل الكلاب، فقال الناس : يا رسول الله! ما أحل لان من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فأنزل الله تعالى :﴿يسئلونك﴾ ".
٣٩٤


الصفحة التالية
Icon