ولما قدم الوعد لأنه في سورة الذين آمنوا أتبعه الوعيد لأضدادهم، وهو أعظم وعد لأحبابه المؤمنين أيضاً فقال :﴿والذين كفروا﴾ أي غطوا ما اتضح لعقولهم من أدلة الوحدانية ﴿وكذبوا﴾ أي زيادة على الستر بالعناد :﴿بآياتنا﴾ على ما لها من العظمة في أنفسها وبإضافتها إلينا ﴿أولئك﴾ أي البغضاء البعداء من الرحمة خاصة ﴿أصحاب الجحيم *﴾ أي النار التي اشتد توقدها فاشتد احمرارها، فلا يراها شيء إلا أحجم عنها، فهم يلقون فيها بما أقدموا على ما هو أهل للإجحام عنه من التكذيب بما لا ينبغي لأحد التكذيب به، ثم يلازمونها فلا ينفكون عنها كما هو شأن الصاحب.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٩
ولما اكن من الأجر ما يحصل من أسباب السعادة في الدنيا، قال تعالى ذاكراً لهم بعض ذلك مذكراً ببعض ما خاطبهم به ليقدموا على مباينة الكفرة يقفوا عند حدوده كائنة ما كانت :﴿ياأيها الذين آمنوا﴾ أي صدقوا بالله ورسوله وكتابه ﴿اذكروا نعمت الله﴾ أي الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿عليكم﴾ عظمها بإبهامها، ثم زادها تعظيماً بالتذكير بوقتها فقال :﴿إذ﴾ أي حين ﴿همّ قوم﴾ أي لهم قوة ومنعه وقدرة على ما يقومون فيه ﴿أن يبسطوا إليكم أيديهم﴾ أي بالقتال والقتل، وهو شامل.
مع ذكر من أسباب نزوله - لما اتفق صبيحة ليلة العقبة من أن قريشاً تنطست الحبر عن البيعة، فلما صح عندهم طلبوا أهل البيعة ففاتوهم إلا أنهم أدركوا سعد بن عبادة بأذاخر، والمنذر بن
٤٠٩