ولما أنهى الترغيب بالمعية استأنف بيان شرط ذلك بقوله مؤكداً لمثل ما مضى :﴿لئن اقمتم﴾ أي أنشأتم ﴿الصلاة﴾ أي التي هي صلة ما بين العبد والخالق بجميع شروطها وأركانها ؛ ولما كان المقصود من الإنفاق المؤاساة بالإيتاء قال :﴿وآتيتم الزكاة﴾ أي التي هي بين الحق والخلائق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٩
ولما كان الخطاب مع من آمن بموسى عليه الصلاة والسلام، وكانوا في كل قليل يتردعون عن اتباعه أو كمال اتباعه، وكان سبحانه عالماً بأن ميلهم بعده يكون أكثر، فرتب في الأزل أنه تواتر إليهم بعده الرسل يحفظونهم عن الزيغ ويقومون منهم الميل قال :﴿وآمنتم برسلي﴾ أي أدمتم الإيمان بموسى عليه السلام، وجددتم الإيمان بمن يأتي
٤١١
بعده، فصدقتموهم في جميع ما يأمرونكم به ﴿وعزرتموهم﴾ أي ذببتم عنهم ونصرتموهم ومنعتموهم أشد المنع، والتعزير والتأزير من باب واحد.
ولما كان من أعظم المصدق للإيمان ونصر الرسل بذل المال فهو البرهان قال :﴿وأقرضتم الله﴾ أي الجامع لكل وصف جميل ﴿قرضاً حسناً﴾ أي بالإنفاق في جميع سبل الخير، وأعظمها الجهاد والإعانة فيه للضعفاء.
ولما كان الإنسان محل النقصان، فهو لا ينفك عن زلل أو تقصير وإن اجتهد في صالح العمل، قال سادّاً.
بجواب القسم الذي وطّأت له اللام الداخلة على الشرط - مسدّ جواب الشرط :﴿لأكفرن﴾ أي لأسترن ﴿عنكم سيئاتكم﴾ أي فعلكم لما من شأنه أن يسوء ﴿ولأدخلنكم﴾ أي فضلاً مني ﴿جنات تجري﴾ ولما كان الماء لا يحسن إلا بقربه وانكشافه عن بعض الأرض قال :﴿من تحتها الأنهار﴾ أي من شدة الريّ ﴿فمن كفر﴾ ولما كان الله سبحانه لا يعذب حتى يبعث رسولاً.


الصفحة التالية
Icon