ولما كان المعنى : فلا تقولوا ذلك، سبب عنه قوله :﴿فقد جاءكم﴾ أي من هو متصف بالوصفين معاً فهو ﴿بشير ونذير﴾ أي كامل في كل من الوصفين وإن تباينا ؛ ولما كان ربما كان توهم أحد من ترك الإرسال زمن الفترة، ومن ترك التعذيب بغير حجة الإرسال، وبالعدول عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل شيئاً في القدرة، قال كاشفاً لتلك الغمة :﴿والله﴾ أي جاءكم والحال أن الملك الذي له الكمال كله ﴿على كل شيء﴾ أي من أن يرسل في كل وقت وأن يترك ذلك، وأن يهدي بالبيان وأن يضل، ومن أن يعذب ولا يقبل عذراً وأن يغفر كل شيء وغير ذلك ﴿قدير *﴾ وفي الختم بوصف القدرة واتباعه تذكيرهم ما صاروا إليه من العز بالنبوة والملك بعدما كانوا فيه من الذل بالعبودية والجهل إشارة إلى أن إنكارهم لأن يكون من ولد إسماعيل عليه السلام نبي يلزم منه إنكارهم للقدرة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٢
ولما ذكر سعة مملكته وتمام علمه وشمول قدرته أتبع ذلك الدلالة عليه بقصة بني إسرائيل في استنقاذهم من أسر العبودية والرق وإعلاء شأنهم وإيراثهم بعد إهلاك فرعون وجنوده وغير ذلك مما تضمنته القصة، إظهاراً - بعدم ردهم إلى مصر التي باد أهلها - لتمام القدرة وسعة الملك ونفوذ الأمرن وهي مع ذلك دالة على نقضهم الميثاق وقساوتهم ونقض ما ادعوه من بنوتهم ومحبتهم، وذلك أنها ناطقة بتعذيبهم
٤٢٣


الصفحة التالية
Icon