ولما كان الإخلاص يلزمه التوكيل وعدم الخوف من غير الله، ألهمهم بقوله ؛ ﴿إن كنتم﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿مؤمنين *﴾ أي عريقين في الإيمان بنبيكم ﷺ والتصديق بجميع ما أتى به، فكأنه قيل : لقد نصحا لهم وبرّا، واجتهد في إصلاح الدين والدنيا فما خدعا ولا غرّا، فما قالوا ؟ فقيل : لم يزدهم ذلك إلا نفاراً واستضعافاً لأنفسهم لإعراضهم عن الله واستصغاراً لأنهم ﴿قالوا﴾ معرضين عمن خاطباهم غيرعادين لهما ﴿يا موسى﴾ وأكدوا نفيهم للإقدام عليهم بقولهم :﴿إنا﴾ وعظموا تأكيدهم بقولهم :﴿لن ندخلها﴾ وزادوه تأكيداً بقولهم :﴿أبداً﴾ وقيدوا ذلك بقولهم :﴿ما دواموا﴾ أي الجبابرة ﴿فيها﴾ أي لهم اليد عليها، ثم اتبعوه بما يدل على أنهم في غاية الجهل بالله الفعال لما يريد.
الغني عن جميع العبيد، فقالوا مسببين عن نفيهم ذلك قولهم :﴿فاذهب أنت وربك﴾ أي المحسن إليك، فلم يذكروا أنه أحسن إليهم كثافة طباع وغلظ أكباد، بل خصوه بالإحسان، وهذا القول إن لم يكن قائلوه يعتقدون التجسي فهم مشارفون له، وكذلك أمثاله، وكان اليهود الآن عريقين في التجسيم، ثم سببوا عن الذهاب قولهم :﴿فقاتلا﴾ ثم استأنفوا قولهم مؤكدين لأ، من له طبع سليم وعقل مستقيم لا يصدق أن
٤٢٦


الصفحة التالية
Icon